فصل: ذِكْرُ قَوْلِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.حُجّةُ ابْنِ حَزْمٍ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ الْحَضَانَةِ بِالتّزْوِيجِ:

وَاحْتَجّ أَبُو مُحَمّدٍ عَلَى قَوْلِهِ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي وَانْطَلَقَ بِي إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيّسٌ فَلْيَخْدُمْك. قَالَ فَخَدَمْتُهُ فِي السّفَرِ وَالْحَضَرِ وَذَكَرَ الْخَبَرَ. قَالَ أَبُو مُحَمّدٍ: فَهَذَا أَنَسٌ فِي حَضَانَةِ أُمّهِ وَلَهَا زَوْجٌ وَهُوَ أَبُو طَلْحَةَ بِعِلْمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ فِي غَايَةِ السّقُوطِ وَالْخَبَرُ فِي غَايَةِ الصّحّةِ فَإِنّ أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِ أَنَسٍ لَمْ يُنَازِعْ أُمّهُ فِيهِ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ لَمْ يُثْغِرْ وَلَمْ يَأْكُلْ وَحْدَهُ وَلَمْ يَشْرَبْ وَحْدَهُ وَلَمْ يُمَيّزْ وَأُمّهُ مُزَوّجَةٌ فَحَكَمَ بِهِ لِأُمّهِ وَإِنّمَا يَتِمّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْمُقَدّمَاتِ كُلّهَا وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ كَانَ لِأَنَسِ مِنْ الْعُمُرِ عَشْرُ سِنِينَ فَكَانَ عِنْدَ أُمّهِ فَلَمّا تَزَوّجَتْ أَبَا طَلْحَةَ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ أَنَسٍ يُنَازِعُهَا فِي وَلَدِهَا وَيَقُولُ قَدْ تَزَوّجَتْ فَلَا حَضَانَةَ لَك وَأَنَا أَطْلُبُ انْتِزَاعَهُ مِنْك وَلَا رَيْبَ أَنّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُزَوّجَةِ حَضَانَةُ ابْنِهَا إذَا اتّفَقَتْ هِيَ وَالزّوْجُ وَأَقَارِبُ الطّفْلِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا رَيْبَ أَنّهُ لَا يَجِبُ بَلْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرّقَ بَيْنَ الْأُمّ وَوَلَدِهَا إذَا تَزَوّجَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَاصِمَهَا مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ وَيَطْلُبَ انْتِزَاعَ الْوَلَدِ فَالِاحْتِجَاجُ بِهَذِهِ الْقِصّةِ مِنْ أَبْعَدِ الِاحْتِجَاجِ وَأَبْرَدِهِ. وَنَظِيرُ هَذَا أَيْضًا احْتِجَاجُهُمْ بِأَنّ أُمّ سَلَمَةَ لَمّا تَزَوّجَتْ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ تَسْقُطْ كَفَالَتُهَا لِابْنِهَا بَلْ اسْتَمَرّتْ عَلَى حَضَانَتِهَا فَيَا عَجَبًا مِنْ الّذِي نَازَعَ أُمّ سَلَمَةَ فِي وَلَدِهَا وَرَغِبَ عَنْ أَنْ يَكُونَ فِي حِجْرِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَاحْتَجّ لِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا بِأَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَضَى بِابْنَةِ حَمْزَةَ لِخَالَتِهَا وَهِيَ مُزَوّجَةٌ بِجَعْفَرِ فَلَا رَيْبَ أَنّ لِلنّاسِ فِي قِصّةِ ابْنَةِ حَمْزَةَ ثَلَاثَ مَآخِذَ:
أَحَدُهَا: أَنّ النّكَاحَ لَا يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ.
الثّانِي: أَنّ الْمَحْضُونَةَ إذَا كَانَتْ بِنْتًا فَنِكَاحُ أُمّهَا لَا يُسْقِطُ حَضَانَتَهَا وَيُسْقِطُهَا إذَا كَانَ ذَكَرًا.
الثّالِثُ أَنّ الزّوْجَ إذَا كَانَ نَسِيبًا مِنْ الطّفْلِ لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا وَإِلّا سَقَطَتْ فَالِاحْتِجَاجُ بِالْقِصّةِ عَلَى أَنّ النّكَاحَ لَا يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ مُطْلَقًا لَا يَتِمّ إلّا بَعْدَ إبْطَالِ ذَيْنِك الِاحْتِمَالَيْنِ الْآخَرَيْنِ.

.فَصْلٌ: قَضَاءُ النبيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْوَلَدِ لِأُمّهِ:

وَقَضَاؤُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْوَلَدِ لِأُمّهِ وَقَوْلُهُ أَنْتِ أَحَقّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ عُمُومُ الْقَضَاءِ لِكُلّ أُمّ حَتّى يَقْضِيَ بِهِ لِلْأُمّ. وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً أَوْ رَقِيقَةً أَوْ دَلّ دَلِيلٌ مُنْفَصِلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرّيّةِ وَالدّيَانَةِ وَالْإِقَامَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَخْصِيصًا وَلَا مُخَالَفَةَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.

.شُرُوطُ الْحَاضِنِ الِاتّفَاقُ فِي الدّينِ:

وَقَدْ اُشْتُرِطَ فِي الْحَاضِنِ سِتّةُ شُرُوطٍ اتّفَاقُهُمَا فِي الدّينِ فَلَا حَضَانَةَ لِكَافِرِ عَلَى مُسْلِمٍ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنّ الْحَاضِنَ حَرِيصٌ عَلَى تَرْبِيَةِ الطّفْلِ عَلَى دِينِهِ وَأَنْ يَنْشَأَ عَلَيْهِ وَيَتَرَبّى عَلَيْهِ فَيَصْعُبُ بَعْدَ كِبَرِهِ وَعَقْلِهِ انْتِقَالُهُ عَنْهُ وَقَدْ يُغَيّرُهُ عَنْ فِطْرَةِ اللّهِ الّتِي فَطَرَ عَلَيْهَا عِبَادَهُ فَلَا يُرَاجِعْهَا أَبَدًا كَمَا قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كُلّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوّدَانِهِ أَوْ يُنَصّرَانِهِ أَوْ يُمَجّسَانِهِ. فَلَا يُؤْمَنُ تَهْوِيدُ الْحَاضِنِ وَتَنْصِيرُهُ لِلطّفْلِ الْمُسْلِمِ. فَإِنْ قِيلَ الْحَدِيثُ إنّمَا جَاءَ فِي الْأَبَوَيْنِ خَاصّةً. قِيلَ الْحَدِيثُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ الْمُعْتَادُ نُشُوءُ الطّفْلِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَإِنْ فُقِدَ الْأَبَوَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَامَ وَلِيّ الطّفْلِ مِنْ أَقَارِبِهِ مَقَامَهُمَا.

.حُجّةُ مَنْ أَثْبَتَ الْحَضَانَةَ لِلْكَافِرَةِ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْلِمِ:

الْوَجْهُ الثّانِي: أَنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفّارِ وَجَعَلَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ وَالْكُفّارَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَالْحَضَانَةُ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْمُوَالَاةِ الّتِي قَطَعَهَا اللّهُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَقَالَ أَهْلُ الرّأْيِ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو ثَوْرٍ: تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لَهَا مَعَ كُفْرِهَا وَإِسْلَامِ الْوَلَدِ وَاحْتَجّوا بِمَا رَوَى النّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ أَنّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ فَأَتَتْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيمٌ أَوْ يُشْبِهُهُ وَقَالَ رَافِعٌ ابْنَتِي فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اُقْعُدْ نَاحِيَةً وَقَالَ لَهَا: اُقْعُدِي نَاحِيَةً وَقَالَ لَهُمَا: اُدْعُوَاهَا فَمَالَتْ الصّبِيّةُ إلَى أُمّهَا فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اللّهُمّ اهْدِهَا فَمَالَتْ إلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا قَالُوا: وَلِأَنّ الْحَضَانَةَ لِأَمْرَيْنِ الرّضَاعِ وَخِدْمَةِ الطّفْلِ وَكِلَاهُمَا يَجُوزُ مِنْ الْكَافِرَةِ.

.رَدّ الْمُسْقِطِينَ لِحَقّ الْحَضَانَةِ لِلْكَافِرَةِ عَلَى الْمُثْبِتِينَ:

قَالَ الْآخَرُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ رَافِعِ بْنِ سِنَانِ الْأَنْصَارِيّ الْأَوْسِيّ وَقَدْ ضَعّفَهُ إمَامُ الْعِلَلِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطّانُ وَكَانَ سُفْيَانُ الثّوْرِيّ يَحْمِلُ عَلَيْهِ وَضَعّفَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْحَدِيثَ وَضَعّفَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ اضْطَرَبَ فِي الْقِصّةِ فَرَوَى أَنّ الْمُخَيّرَ كَانَ بِنْتًا وَرَوَى أَنّهُ كَانَ ابْنًا. وَقَالَ الشّيْخُ فِي الْمُغْنِي: وَأَمّا الْحَدِيثُ فَقَدْ رُوِيَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ النّقْلِ. وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. ثُمّ إنّ الْحَدِيثَ قَدْ يُحْتَجّ بِهِ عَلَى صِحّةِ مَذْهَبِ مَنْ اشْتَرَطَ الْإِسْلَامَ فَإِنّ الصّبِيّةَ لَمّا مَالَتْ إلَى أُمّهَا دَعَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَهَا بِالْهِدَايَةِ فَمَالَتْ إلَى أَبِيهَا وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنّ كَوْنَهَا مَعَ الْكَافِرِ خِلَافُ هُدَى اللّهِ الّذِي أَرَادَهُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ اسْتَقَرّ جَعْلُهَا مَعَ أُمّهَا لَكَانَ فِيهِ حُجّةٌ بَلْ أَبْطَلَهُ اللّهُ سُبْحَانَهُ بِدَعْوَةِ رَسُولِهِ.

.اشْتِرَاطُ الْخُلُوّ مِنْ الْفِسْقِ فِي الْحَضَانَةِ:

وَمِنْ الْعَجَبِ أَنّهُمْ يَقُولُونَ لَا حَضَانَةَ لِلْفَاسِقِ فَأَيّ فِسْقٍ أَكْبَرُ مِنْ الْكُفْرِ؟ وَأَيْنَ الضّرَرُ الْمُتَوَقّعُ مِنْ الْفَاسِقِ بِنُشُوءِ الطّفْلِ عَلَى طَرِيقَتِهِ إلَى الضّرَرِ الْمُتَوَقّعِ مِنْ الْكَافِرِ مَعَ أَنّ الصّوَابَ أَنّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْحَاضِنِ قَطْعًا وَإِنْ شَرَطَهَا أَصْحَابُ أَحْمَدَ وَالشّافِعِيّ وَغَيْرُهُمْ وَاشْتِرَاطُهَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ. لَضَاعَ أَطْفَالُ الْعَالَمِ وَلَعَظُمَتْ الْمَشَقّةُ عَلَى الْأُمّةِ وَاشْتَدّ الْعَنَتُ وَلَمْ يَزَلْ مِنْ حِينِ قَامَ الْإِسْلَامُ إلَى أَنْ تَقُومَ السّاعَةُ أَطْفَالُ الْفُسّاقِ بَيْنَهُمْ لَا يَتَعَرّضُ لَهُمْ أَحَدٌ فِي الدّنْيَا مَعَ كَوْنِهِمْ الْأَكْثَرِينَ. وَمَتَى وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ انْتِزَاعُ الطّفْلِ مِنْ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِفِسْقِهِ؟ وَهَذَا فِي الْحَرَجِ وَالْعُسْرِ- وَاسْتِمْرَارُ الْعَمَلِ الْمُتّصِلِ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ عَلَى خِلَافِهِ- بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي وِلَايَةِ النّكَاحِ فَإِنّهُ دَائِمُ الْوُقُوعِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي مَعَ أَنّ أَكْثَرَ الْأَوْلِيَاءِ الّذِينَ يَلُونَ ذَلِكَ فُسّاقٌ وَلَمْ يَزَلْ الْفِسْقُ فِي النّاسِ وَلَمْ يَمْنَعْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الصّحَابَةِ فَاسِقًا مِنْ تَرْبِيَةِ ابْنِهِ وَحَضَانَتِهِ لَهُ وَلَا مِنْ تَزْوِيجِهِ مُوَلّيَتِهِ وَالْعَادَةُ شَاهِدَةٌ بِأَنّ الرّجُلَ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْفُسّاقِ فَإِنّهُ يَحْتَاطُ لِابْنَتِهِ وَلَا يُضَيّعُهَا وَيَحْرِصُ عَلَى الْخَيْرِ لَهَا بِجَهْدِهِ وَإِنْ قُدّرَ خِلَافُ ذَلِكَ فَهُوَ قَلِيلٌ بِالنّسْبَةِ إلَى الْمُعْتَادِ وَالشّارِعُ يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِالْبَاعِثِ الطّبِيعِيّ وَلَوْ كَانَ الْفَاسِقُ مَسْلُوبَ الْحَضَانَةِ وَوِلَايَةِ النّكَاحِ لَكَانَ بَيَانُ هَذَا لِلْأُمّةِ مِنْ أَهَمّ الْأُمُورِ وَاعْتِنَاءُ الْأُمّةِ بِنَقْلِهِ وَتَوَارُثُ الْعَمَلِ بِهِ مُقَدّمًا عَلَى كَثِيرٍ مِمّا نَقَلُوهُ وَتَوَارَثُوا الْعَمَلَ بِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ تَضْيِيعُهُ وَاتّصَالُ الْعَمَلِ بِخِلَافِهِ. وَلَوْ كَانَ الْفِسْقُ يُنَافِي الْحَضَانَةَ لَكَانَ مَنْ زَنَى أَوْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ أَتَى كَبِيرَةً فُرّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِهِ الصّغَارِ وَالْتُمِسَ لَهُمْ غَيْرُهُ وَاللّهُ أَعْلَمُ.

.اشْتِرَاطُ الْعَقْلِ فِي الْحَاضِنِ:

نَعَمْ الْعَقْلُ مُشْتَرَطٌ فِي الْحَضَانَةِ فَلَا حَضَانَةَ لِمَجْنُونٍ وَلَا مَعْتُوهٍ وَلَا طِفْلٍ لِأَنّ هَؤُلَاءِ يَحْتَاجُونَ إلَى مَنْ يَحْضُنُهُمْ وَيَكْفُلُهُمْ فَكَيْفَ يَكُونُونَ كَافِلِينَ لِغَيْرِهِمْ.

.الْحُرّيّةُ:

وَأَمّا اشْتِرَاطُ الْحُرّيّةِ فَلَا يَنْتَهِضُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ يَرْكَنُ الْقَلْبُ إلَيْهِ وَقَدْ اشْتَرَطَهُ أَصْحَابُ الْأَئِمّةِ الثّلَاثَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي حُرّ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةٍ إنّ الْأُمّ أَحَقّ بِهِ إلّا أَنْ تُبَاعَ فَتَنْتَقِلُ فَيَكُونُ الْأَبُ أَحَقّ بِهَا وَهَذَا هُوَ الصّحِيحُ لِأَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَا تُوَلّهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا وَقَالَ مَنْ فَرّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرّقَ اللّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ التّفْرِيقُ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ الْأُمّ وَوَلَدِهَا الصّغِيرِ فَكَيْفَ يُفَرّقُونَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَضَانَةِ؟ وَعُمُومُ الْأَحَادِيثِ تَمْنَعُ مِنْ التّفْرِيقِ مُطْلَقًا فِي الْحَضَانَةِ وَالْبَيْعِ وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِكَوْنِ مَنَافِعِهَا مَمْلُوكَةً لِلسّيّدِ فَهِيَ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي خِدْمَتِهِ فَلَا تَفْرُغُ لِحَضَانَةِ الْوَلَدِ مَمْنُوعٌ بَلْ حَقّ الْحَضَانَةِ لَهَا تُقَدّمُ بِهِ فِي أَوْقَاتِ حَاجَةِ الْوَلَدِ عَلَى حَقّ السّيّدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ. وَأَمّا اشْتِرَاطُ خُلُوّهَا مِنْ النّكَاحِ فَقَدْ تَقَدّمَ.

.الْخُلُوّ مِنَ النّكَاحِ:

وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ يَنْبَغِي التّنْبِيهُ عَلَيْهَا وَهِيَ أَنّا إذَا أَسْقَطْنَا حَقّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ بِالنّكَاحِ وَنَقَلْنَاهَا إلَى غَيْرِهَا فَاتّفِقَ أَنّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهَا لَمْ يَسْقُطْ حَقّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَهِيَ أَحَقّ بِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ الّذِي يَدْفَعُهُ الْقَاضِي إلَيْهِ وَتَرْبِيَتُهُ فِي حِجْرِ أُمّهِ وَرَأْيِهِ أَصْلَحُ مِنْ تَرْبِيَتِهِ فِي بَيْتِ أَجْنَبِيّ مَحْضٍ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا تُوجِبُ شَفَقَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَحُنُوّهُ وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ تَأْتِيَ الشّرِيعَةُ بِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ بِمَفْسَدَةِ أَعْظَمَ مِنْهَا بِكَثِيرِ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَحْكُمْ حُكْمًا عَامّا كُلّيّا: أَنّ كُلّ امْرَأَةٍ تَزَوّجَتْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ حَتّى يَكُونَ إثْبَاتُ الْحَضَانَةِ لِلْأُمّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُخَالَفَةً لِلنّصّ.

.اتّحَادُ الدّارِ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْحَاضِنِ:

وَأَمّا اتّحَادُ الدّارِ فَإِنْ كَانَ سَفَرُ أَحَدِهِمَا لِحَاجَةِ ثُمّ يَعُودُ وَالْآخَرُ مُقِيمٌ فَهُوَ أَحَقّ بِهِ لِأَنّ السّفَرَ بِالْوَلَدِ الطّفْلِ وَلَا سِيّمَا إنْ كَانَ رَضِيعًا إضْرَارٌ بِهِ وَتَضْيِيعٌ لَهُ هَكَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا سَفَرَ الْحَجّ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُنْتَقِلًا عَنْ بَلَدِ الْآخَرِ لِلْإِقَامَةِ وَالْبَلَدُ وَطَرِيقُهُ مَخُوفَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْمُقِيمُ أَحَقّ وَإِنْ كَانَ هُوَ وَطَرِيقُهُ آمِنَيْنِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ إحْدَاهُمَا: أَنّ الْحَضَانَةَ لِلْأَبِ لِيَتَمَكّنَ مِنْ تَرْبِيَةِ الْوَلَدِ وَتَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشّافِعِيّ وَقَضَى بِهِ شُرَيْحٌ.
وَالثّانِيَةُ أَنّ الْأُمّ أَحَقّ. وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنّ الْمُنْتَقِلَ إنْ كَانَ هُوَ الْأَبَ فَالْأُمّ أَحَقّ وَإِنْ كَانَ الْأُمّ فَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى الْبَلَدِ الّذِي كَانَ فِيهِ أَصْلُ النّكَاحِ فَهِيَ أَحَقّ بِهِ وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى غَيْرِهِ فَالْأَبُ أَحَقّ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيّةِ. وَحَكَوْا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةً أُخْرَى: أَنّ نَقْلَهَا إنْ كَانَ مِنْ بَلَدٍ إلَى قَرْيَةٍ فَالْأَبُ أَحَقّ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَهِيَ أَحَقّ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ كُلّهَا كَمَا تَرَى لَا يَقُومُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ يَسْكُنُ الْقَلْبُ إلَيْهِ فَالصّوَابُ النّظَرُ وَالِاحْتِيَاطُ لِلطّفْلِ فِي الْأَصْلَحِ لَهُ وَالْأَنْفَعِ مِنْ الْإِقَامَةِ أَوْ النّقْلَةِ فَأَيّهُمَا كَانَ أَنْفَعَ لَهُ وَأَصْوَنَ وَأَحْفَظَ رُوعِيَ وَلَا تَأْثِيرَ لِإِقَامَةٍ وَلَا نُقْلَةٍ هَذَا كُلّهُ مَا لَمْ يُرِدْ أَحَدُهُمَا بِالنّقْلَةِ مُضَارّةَ الْآخَرِ وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ مِنْهُ. فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ وَاللّهُ الْمُوَفّقُ.

.فصل قَوْلُ مَنْ اشْتَرَطَ لِسُقُوطِ الْحَضَانَةِ مَعَ عَقْدِ النّكَاحِ وَالدّخُولِ حُكْمَ الْحَاكِمِ:

وَقَوْلُهُ أَنْتِ أَحَقّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي قِيلَ فِيهِ إضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ مَا لَمْ تَنْكِحِي وَيَدْخُلْ بِك الزّوْجُ وَيَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِسُقُوطِ الْحَضَانَةِ. وَهَذَا تَعَسّفٌ بَعِيدٌ لَا يُشْعِرُ بِهِ اللّفْظُ وَلَا يَدُلّ عَلَيْهِ بِوَجْهِ وَلَا هُوَ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ الّتِي تَتَوَقّفُ صِحّةُ الْمَعْنَى عَلَيْهَا وَالدّخُولُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَنْكِحِي عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: {حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فَالْمُرَادُ بِالنّكَاحِ عِنْدَهُ الْعَقْدُ. وَأَمّا حُكْمُ الْحَاكِمِ بِسُقُوطِ الْحَضَانَةِ فَذَاكَ إنّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ التّنَازُعِ وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَيَكُونُ مُنَفّذًا لِحُكْمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوْقَفَ سُقُوطَ الْحَضَانَةِ عَلَى حُكْمِهِ بَلْ قَدْ حَكَمَ هُوَ بِسُقُوطِهَا حَكَمَ بِهِ الْحُكّامُ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَحْكُمُوا. وَاَلّذِي دَلّ عَلَيْهِ هَذَا الْحُكْمُ النّبَوِيّ أَنّ الْأُمّ أَحَقّ بِالطّفْلِ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا النّكَاحُ فَإِذَا نَكَحَتْ زَالَ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ وَانْتَقَلَ الْحَقّ طَلَبَهُ مَنْ لَهُ الْحَقّ وَجَبَ عَلَى خَصْمِهِ أَنْ يَبْذُلَهُ لَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْقَطَ حَقّهُ أَوْ لَمْ يُطَالِبْ بِهِ بَقِيَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوّلًا فَهَذِهِ قَاعِدَةٌ عَامّةٌ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ.

.فصل اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي التّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ:

وَقَدْ احْتَجّ مَنْ لَا يَرَى التّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنّهُ قَالَ أَنْتِ أَحَقّ بِهِ وَلَوْ خُيّرَ الطّفْلُ لَمْ تَكُنْ هِيَ أَحَقّ بِهِ إلّا إذَا اخْتَارَهَا كَمَا أَنّ الْأَبَ لَا يَكُونُ أَحَقّ بِهِ إلّا إذَا اخْتَارَهُ فَإِنْ قُدّرَ أَنْتِ أَحَقّ بِهِ إنْ اخْتَارَك. قُدّرَ ذَلِكَ فِي جَانِبِ الْأَبِ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَعَلَهَا أَحَقّ بِهِ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَمَذَاهِبَ النّاسِ فِيهَا وَالِاحْتِجَاجَ لِأَقْوَالِهِمْ وَنُرَجّحُ مَا وَافَقَ حُكْمَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْهَا.
أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَمَذَاهِبَ النّاسِ فِيهَا وَالِاحْتِجَاجَ لِأَقْوَالِهِمْ وَنُرَجّحُ مَا وَافَقَ حُكْمَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْهَا.

.ذِكْرُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ:

ذَكَرَ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيّ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ طَلّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ امْرَأَتَهُ فَذَكَرَ الْأَثَرَ الْمُتَقَدّمَ وَقَالَ فِيهِ رِيحُهَا وَفِرَاشُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْك حَتّى يَشِبّ وَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ فَحَكَمَ بِهِ لِأُمّهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ إلَى أَنْ يَشِبّ وَيُمَيّزَ وَيُخَيّرَ حِينَئِذٍ.

.ذِكْرُ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ:

قَالَ الشّافِعِيّ: حَدّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ أَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ. خَيّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمّهِ وَقَالَ عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ خَيّرَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ غُلَامًا مَا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمّهِ فَاخْتَارَ أُمّهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ. وَذَكَرَ عَبْدُ الرّزّاقِ أَيْضًا: عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيّوبَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ قَالَ اُخْتُصِمَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ فِي غُلَامٍ فَقَالَ هُوَ مَعَ أُمّهِ حَتّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ لِيَخْتَارَ. وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ اخْتَصَمُوا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي يَتِيمٍ فَخَيّرَهُ فَاخْتَارَ أُمّهُ عَلَى عَمّهِ فَقَالَ عُمَرُ إنّ لُطْفَ أُمّك خَيْرٌ مِنْ خِصْبِ عَمّكَ.

.ذِكْرُ قَوْلِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْه:

قَالَ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَى: أَنْبَأَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْجَرْمِيّ عَنْ عِمَارَةَ الْجَرْمِيّ قَالَ خَيّرَنِي عَلِيّ بَيْنَ أُمّي وَعَمّي ثُمّ قَالَ لِأَخٍ لِي أَصْغَرَ مِنّي: وَهَذَا أَيْضًا لَوْ بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا لَخَيّرْتُهُ قَالَ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ قَالَ إبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنْ عِمَارَةَ عَنْ عَلِيّ مِثْلَهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ وَكُنْتُ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ. قَالَ يَحْيَى الْقَطّانُ: حَدّثَنَا يُونُس بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْجَرْمِيّ حَدّثَنِي عِمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ أَنّهُ تَخَاصَمَتْ فِيهِ أُمّهُ وَعَمّهُ إلَى عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ فَخَيّرَنِي عَلِيّ ثَلَاثًا كُلّهُنّ أَخْتَارُ أُمّي وَمَعِي أَخٌ لِي صَغِيرٌ فَقَالَ عَلِيّ هَذَا إذَا بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا خُيّرَ.